أستيقظ على صوت مذياع قديم آتٍ من بعيد: الشيخ الحُصري يتلو سورة الرحمن. تهتز الستارة على نافذتي بفعل نسمة صباحية باردة تبدو وقد ضلت طريقها من ربيع ولى. ا
أستيقظ ، ولوهلة أتردد قبل أن أنفض الغطاء من فوقي بسرعة - تأجيله للحظات لن يزيد الأمر إلا صعوبة. أتوجه للمطبخ متلمسة بعض الدفء من فنجان كاكاو ساخن. أجري بخطوات متقافزة وأنا مثنية على نفسي مرددة النشيد الشتوي الصباحي: "يخرب بيت أم البرد / يخرب بيت أم البرد". لوهلة تأسرني تلك الرائحة وتجبرني على التوقف. أستدير لأرى زهريات الصالة الثلاثة ممتلئة بالورد: أبيض وأزرق ووردي وأحمر. أتذكر سبب وجود تلك الزهور وأبتسم لنفسي: عملية إزالة مرارة أبي؛ حملتنا أمي بمعظم الورد الذي جاء عند مغادرتنا أنا وأختي للمستشفى أمس. ا
وعندما كنا نتمشى الهوينى أملًا في أن نخدع الزمن/ الفراق/ الكون فيتركنا لحالنا مرة.. التفت إليك لأخبرك أننا جميعًا مصلوبون على عقارب الوقت، فتوقفت برهة ونظرت لي تلك النظرة التي أريد / لا أريد أن أنساها، ولم تنطق. فقط ضممتني إليك ضمة حنونة / أبوية / صديقة قالت كل ما لم تتفوه به.
زارته في الحلم شفافة رقراقة.. كما عهدها دائمًا.. كانت ترتدي فستانًا أزرقًا فضفاضًا، ووشاحًا وردياً ينساب من خلاله شعرها الأسود الطويل. لم يتحدثا طوال الحلم ولكنها ظلت تبتسم له في صمت بهي..
جلست في نهاية الشارع الخاوي ليلًا: هي على مقعد خشبي عجوز، وأمامها حاسبها المتنقل على منضدة خشبية أيضًا. انهمكت في الكتابة على الحاسب بينما تتلفت حولها من حين لآخر في توتر. كانت تنتظر حدوث الأمر بين لحظة وأخرى ولكنها لم تعرف متى يبدأ بالضبط.
- "But I do think your scars are beautiful," she said with a smile, gently touching the dark mark stretching from his palm along the backside of his arm. - "How so?," he asked.
"آخر مرة.. آخر مرة".. رددت أركان عقلها الكلمات في محاولة فاشلة للاستيعاب. وحينما قال لها بطريقته المسرحية المعهودة - محاولاً أن يبدو ممازحاً - "وداعاً"، أجفلت. ولكنها سرعان ما ردت بضحكة مرتبكة - محاولة أن تبدو ممازحة أيضاً - "خلاص نويت تنتحر؟! إوعى تعملها من غيري!". ضحك. ضحكت. انتهت المكالمة.